أول عملية مخابرات مصرية تُنشَر تفاصيلها كاملة
بقلم : د . سمير محمود قديح
باحث في الشئون الامنية والاستراتيجية
بدأت أحداث هذه القصة قبل حرب أكتوبر وفى أثناء حرب الاستنزاف , و كانت مصر
تقوم فى هذا الوقت ببناء حائط الصواريخ , الذي عانت فيه إدارة الجيش
المصرى الأمرين بسبب صعوبة المهمة وبسبب حدوث اختراق أمنى خطير على طول خط
الجبهة وفى مواقع بناء منصات الصواريخ , فبمجرد انتهاء العمال من بناء
الموقع كانت الطائرات الإسرائيلية تأتى مباشرة إلى الموقع وتدمره تماما بل
وقتل بعض العاملين فى المواقع من جراء القصف الاسرائيلى الذي بدا وكأنه
يعرف طريقه واتجاهاته جيدا , وحار الجيش المصرى فى تفسير الأمر الى أن
استطاعت المخابرات المصرية حل اللغز , لقد كان هناك احد الضباط الذي يعمل
على الجبهة ينقل المعلومات وأماكن بناء المنصات الى واحدة من اخطر الجواسيس
العاملين فى مصر على مر العصور..الى الجاسوسة هبة سليم التي لقبت بملكة
الجاسوسية المتوجة , والتي عرض التليفزيون المصرى قصتها فى فيلم بعنوان
الصعود الى الهاوية وتحت اسم العميلة عبلة كامل , وفى عملية مثيرة استطاعت
المخابرات المصرية استدراج هبة سليم الى ليبيا , ومن هناك تم شحنها –
بالمعنى الحرفي للكلمة – الى مصر , لتلقى جزائها العادل وتعدم بعد حرب
أكتوبر وأثناء مفاوضات السلام وذلك عندما أرادت جولدا مائير أن تجعل هبة
سليم من ضمن الاتفاقية , فأخبرها السادات أن هبة سليم قد أعدمت اليوم , ولم
تكن قد أعدمت فعلا ليصدر السادات أمرا عاجلا وسريا بإعدام هبة سليم على
الفور لقطع الطريق على اى محاولات إسرائيلية لاستعادتها.
المهم انه بعد القبض على هبة سليم والضابط الذي كان يعاونها على خط الجبهة –
والذي اعدم أيضا رميا بالرصاص- استطاعت مصر إكمال بناء حائط الصواريخ الذي
ساهم بشكل كبير فى صد الطائرات الإسرائيلية أثناء حرب أكتوبر بل وصدرت
الأوامر للطيارين الاسرائيلين بعدم الاقتراب من الحدود المصرية لمسافة عدة
كيلومترات بسبب هذا الحائط , ولكن وقبل الحرب مباشرة حدث تطور كبير فى
الأحداث كان من شانه إضعاف قدرات الدفاع الجوى المصرى , وهنا تبدأ قصتنا
الحقيقية...
لاحظ القائمون على الدفاع الجوى المصرى أن الطائرات الإسرائيلية أصبحت
تستهدف مباشرة وحدات الرادار الخاصة بالجيش المصرى , ونظرا لخطورة الأمر
فقد تم إخطار المخابرات للتحري عن الموضوع , لتكتشف أن إسرائيل حصلت على
سلاح امريكى جديد وخطير قد يقلب الموازين فى الصراع المصرى الاسرائيلى ,
صاروخ امريكى جديد اسمه (( beam rider أو راكب الشعاع , هذا الصاروخ كان
يعمل بتقنية جديدة ومدهشة ...فعندما تدخل الطائرات الإسرائيلية الى الحدود
المصرية يقوم الرادار بكشفها عن طريق توجيه شعاع إليها وتحديد مكانها
واتجاهها , هذا الصاروخ كان – يركب – الشعاع وينطلق فى اتجاه الرادار
ليصيبه فى منتصفه تماما !!! وكان استمرار استخدام هذا الصاروخ يعنى التفوق
الكاسح للطيران الاسرائيلى لعدم إمكانية كشفه , بالإضافة الى انتهاء فاعلية
الصاروخ السوفيتي الرهيب سام-7 والذي كان يوجه عن طريق الرادار أيضا ,
لتكون الضربة القاصمة للدفاع الجوى المصرى ..
وانطلق رجال المخابرات للسيطرة على الموقف , وكان الهدف الأول لديهم هو
الحصول على تصميمات هذا الصاروخ الجديد والحصول على عينة من الصاروخ نفسه
لدراستها ومعرفة نقطة ضعفه , وبدأ الرجال فى البحث والتقصي ومحاولة إيجاد
طريقة لإبطال فاعلية هذا الصاروخ الجديد , ليخرج احد الرجال بفكرة عبقرية
مفادها انه إذا كان هذا الصاروخ أمريكيا فلابد انه أمريكا تستخدمه ألان فى
حربها على فيتنام , فيجب علينا أن نتجه الى هناك للبحث عن الطريقة التي
واجه الفيتناميون بها هذا الصاروخ , و ربما الحصول أيضا على نسخة منه..
ولاقت الفكرة إعجاب الجميع , وتم الاتصال بأحد رجال المخابرات فى فيتنام
ويدعى مصطفى رستم , وتم إسناد المهمة له . و ما حدث بعد ذلك جدير بان تؤلف
عنه الروايات وتخرج له أفلام لا حصر لها , لقد استطاع مصطفى رستم تحقيق
المستحيل , هذا الرجل العبقري استطاع تحديد موقع القيادة المركزية للجيش
الفيتنامي مع العلم بأن هذا الموقع كان متحركا !! نعم لقد كانت قيادة الجيش
الفيتنامي تتحرك طوال الوقت وهى عبارة عن سبعة عربات محمية جيدا ومخبأة
بعناية داخل الغابات الفيتنامية الرهيبة , وجدير بالذكر أن الجيش الامريكى
ومخابراته لم يستطيعوا أبدا طوال الحرب على فيتنام معرفة مكان هذا الموقع ,
وقام مصطفى رستم بالاتصال مع القيادة الفيتنامية , التي كانت قد توصلت الى
التصميمات الخاصة بالصاروخ –عن طريق الحصول على عينة من احد الصواريخ التي
لم تنفجر وفكها ودراستها وهو ما كانت المخابرات المصرية ستفعله فى المقام
الأول- وحصل مصطفى رستم على التصميمات , وأرسلها الى مصر ليقوم الخبراء
بفحص التصميمات الذين أكدوا على أهمية الحصول على عينة من الصاروخ لدراسته
بشكل عملي , ومرة أخرى ينطلق مصطفى رستم للحصول على عينة الصاروخ وبمعاونة
القوات الفيتنامية حصل رستم على صاروخ كان قد وقع فى احد المستنقعات ولم
ينفجر , ولا اعلم كيف استطاعت المخابرات المصرية نقل الصاروخ من فيتنام الى
مصر رغم انف الجيش الامريكى ومخابراته , المهم انه وصل وتمت دراسته
واستطاع الخبراء المصريون وبناء على دراسة الصاروخ وتصميماته إيجاد الطريقة
المثلى لإبطال فاعليته , عن طريق عمل تعديل فى طريقة عمل الرادار نفسه ,
ونجحت الفكرة – والتي لم يتسن لي الحصول على تفاصيلها بعد – وتم تنفيذها ,
وجاءت الطائرات الإسرائيلية بمنتهى الثقة والغرور بل والإهمال الناتج عن
تأكدهم التام من عدم إمكانية التصدي لهم , وأطلقوا صواريخهم نحو وحدات
الرادار المصرى ليفاجئوا وتربط الصدمة ألسنتهم عندما شاهدوا بأعينهم فخر
التكنولوجيا الأمريكية وهى تطيح فى الهواء وتلف فى دوائر بلا هدف الى أن
تسقط على الأرض , وينطلق الصاروخ السوفيتي الرهيب سام-7 ليسقط الطائرات
الإسرائيلية مثل الذباب الذي تعرض لرشة من مبيد حشري قوى فسقط بلا حول ولا
قوة
وليسطر رجال المخابرات المصرية أسطورة جديدة تضاف الى سجل انتصاراتهم .
بقلم : د . سمير محمود قديح
باحث في الشئون الامنية والاستراتيجية
بدأت أحداث هذه القصة قبل حرب أكتوبر وفى أثناء حرب الاستنزاف , و كانت مصر
تقوم فى هذا الوقت ببناء حائط الصواريخ , الذي عانت فيه إدارة الجيش
المصرى الأمرين بسبب صعوبة المهمة وبسبب حدوث اختراق أمنى خطير على طول خط
الجبهة وفى مواقع بناء منصات الصواريخ , فبمجرد انتهاء العمال من بناء
الموقع كانت الطائرات الإسرائيلية تأتى مباشرة إلى الموقع وتدمره تماما بل
وقتل بعض العاملين فى المواقع من جراء القصف الاسرائيلى الذي بدا وكأنه
يعرف طريقه واتجاهاته جيدا , وحار الجيش المصرى فى تفسير الأمر الى أن
استطاعت المخابرات المصرية حل اللغز , لقد كان هناك احد الضباط الذي يعمل
على الجبهة ينقل المعلومات وأماكن بناء المنصات الى واحدة من اخطر الجواسيس
العاملين فى مصر على مر العصور..الى الجاسوسة هبة سليم التي لقبت بملكة
الجاسوسية المتوجة , والتي عرض التليفزيون المصرى قصتها فى فيلم بعنوان
الصعود الى الهاوية وتحت اسم العميلة عبلة كامل , وفى عملية مثيرة استطاعت
المخابرات المصرية استدراج هبة سليم الى ليبيا , ومن هناك تم شحنها –
بالمعنى الحرفي للكلمة – الى مصر , لتلقى جزائها العادل وتعدم بعد حرب
أكتوبر وأثناء مفاوضات السلام وذلك عندما أرادت جولدا مائير أن تجعل هبة
سليم من ضمن الاتفاقية , فأخبرها السادات أن هبة سليم قد أعدمت اليوم , ولم
تكن قد أعدمت فعلا ليصدر السادات أمرا عاجلا وسريا بإعدام هبة سليم على
الفور لقطع الطريق على اى محاولات إسرائيلية لاستعادتها.
المهم انه بعد القبض على هبة سليم والضابط الذي كان يعاونها على خط الجبهة –
والذي اعدم أيضا رميا بالرصاص- استطاعت مصر إكمال بناء حائط الصواريخ الذي
ساهم بشكل كبير فى صد الطائرات الإسرائيلية أثناء حرب أكتوبر بل وصدرت
الأوامر للطيارين الاسرائيلين بعدم الاقتراب من الحدود المصرية لمسافة عدة
كيلومترات بسبب هذا الحائط , ولكن وقبل الحرب مباشرة حدث تطور كبير فى
الأحداث كان من شانه إضعاف قدرات الدفاع الجوى المصرى , وهنا تبدأ قصتنا
الحقيقية...
لاحظ القائمون على الدفاع الجوى المصرى أن الطائرات الإسرائيلية أصبحت
تستهدف مباشرة وحدات الرادار الخاصة بالجيش المصرى , ونظرا لخطورة الأمر
فقد تم إخطار المخابرات للتحري عن الموضوع , لتكتشف أن إسرائيل حصلت على
سلاح امريكى جديد وخطير قد يقلب الموازين فى الصراع المصرى الاسرائيلى ,
صاروخ امريكى جديد اسمه (( beam rider أو راكب الشعاع , هذا الصاروخ كان
يعمل بتقنية جديدة ومدهشة ...فعندما تدخل الطائرات الإسرائيلية الى الحدود
المصرية يقوم الرادار بكشفها عن طريق توجيه شعاع إليها وتحديد مكانها
واتجاهها , هذا الصاروخ كان – يركب – الشعاع وينطلق فى اتجاه الرادار
ليصيبه فى منتصفه تماما !!! وكان استمرار استخدام هذا الصاروخ يعنى التفوق
الكاسح للطيران الاسرائيلى لعدم إمكانية كشفه , بالإضافة الى انتهاء فاعلية
الصاروخ السوفيتي الرهيب سام-7 والذي كان يوجه عن طريق الرادار أيضا ,
لتكون الضربة القاصمة للدفاع الجوى المصرى ..
وانطلق رجال المخابرات للسيطرة على الموقف , وكان الهدف الأول لديهم هو
الحصول على تصميمات هذا الصاروخ الجديد والحصول على عينة من الصاروخ نفسه
لدراستها ومعرفة نقطة ضعفه , وبدأ الرجال فى البحث والتقصي ومحاولة إيجاد
طريقة لإبطال فاعلية هذا الصاروخ الجديد , ليخرج احد الرجال بفكرة عبقرية
مفادها انه إذا كان هذا الصاروخ أمريكيا فلابد انه أمريكا تستخدمه ألان فى
حربها على فيتنام , فيجب علينا أن نتجه الى هناك للبحث عن الطريقة التي
واجه الفيتناميون بها هذا الصاروخ , و ربما الحصول أيضا على نسخة منه..
ولاقت الفكرة إعجاب الجميع , وتم الاتصال بأحد رجال المخابرات فى فيتنام
ويدعى مصطفى رستم , وتم إسناد المهمة له . و ما حدث بعد ذلك جدير بان تؤلف
عنه الروايات وتخرج له أفلام لا حصر لها , لقد استطاع مصطفى رستم تحقيق
المستحيل , هذا الرجل العبقري استطاع تحديد موقع القيادة المركزية للجيش
الفيتنامي مع العلم بأن هذا الموقع كان متحركا !! نعم لقد كانت قيادة الجيش
الفيتنامي تتحرك طوال الوقت وهى عبارة عن سبعة عربات محمية جيدا ومخبأة
بعناية داخل الغابات الفيتنامية الرهيبة , وجدير بالذكر أن الجيش الامريكى
ومخابراته لم يستطيعوا أبدا طوال الحرب على فيتنام معرفة مكان هذا الموقع ,
وقام مصطفى رستم بالاتصال مع القيادة الفيتنامية , التي كانت قد توصلت الى
التصميمات الخاصة بالصاروخ –عن طريق الحصول على عينة من احد الصواريخ التي
لم تنفجر وفكها ودراستها وهو ما كانت المخابرات المصرية ستفعله فى المقام
الأول- وحصل مصطفى رستم على التصميمات , وأرسلها الى مصر ليقوم الخبراء
بفحص التصميمات الذين أكدوا على أهمية الحصول على عينة من الصاروخ لدراسته
بشكل عملي , ومرة أخرى ينطلق مصطفى رستم للحصول على عينة الصاروخ وبمعاونة
القوات الفيتنامية حصل رستم على صاروخ كان قد وقع فى احد المستنقعات ولم
ينفجر , ولا اعلم كيف استطاعت المخابرات المصرية نقل الصاروخ من فيتنام الى
مصر رغم انف الجيش الامريكى ومخابراته , المهم انه وصل وتمت دراسته
واستطاع الخبراء المصريون وبناء على دراسة الصاروخ وتصميماته إيجاد الطريقة
المثلى لإبطال فاعليته , عن طريق عمل تعديل فى طريقة عمل الرادار نفسه ,
ونجحت الفكرة – والتي لم يتسن لي الحصول على تفاصيلها بعد – وتم تنفيذها ,
وجاءت الطائرات الإسرائيلية بمنتهى الثقة والغرور بل والإهمال الناتج عن
تأكدهم التام من عدم إمكانية التصدي لهم , وأطلقوا صواريخهم نحو وحدات
الرادار المصرى ليفاجئوا وتربط الصدمة ألسنتهم عندما شاهدوا بأعينهم فخر
التكنولوجيا الأمريكية وهى تطيح فى الهواء وتلف فى دوائر بلا هدف الى أن
تسقط على الأرض , وينطلق الصاروخ السوفيتي الرهيب سام-7 ليسقط الطائرات
الإسرائيلية مثل الذباب الذي تعرض لرشة من مبيد حشري قوى فسقط بلا حول ولا
قوة
وليسطر رجال المخابرات المصرية أسطورة جديدة تضاف الى سجل انتصاراتهم .